dimanche 12 janvier 2014

إصلاح منظومة التربية والتعليم

نشرت من طرف : Unknown  |  في  11:03





 نقل قضية التربية والتعليم من الاحتضان الرسمي إلى لاحتضان الشعبي

فالواقع الذي عليه منظومة التربية والتعليم لا يقبل مجرد النوايا الحسنة في الإصلاح، بل يتجاوز ذلك إلى الاعتراف بأن القيادة التقليدية لحركة المنظومة عبر تاريخها لم تفلح في الإصلاح ولا في الحفاظ على العناصر الإيجابية القليلة فيها، مما ضيع فرصا حقيقية للخروج من النفق.
ومن ثمت فتشكيل اللجان الرسمية بالطريقة السائدة لم يعد ذي جدوى بقدر ما هو تكريس للواقع المعيش وإصرار على هدر المال العام، لذلك يقتضي الأمر نقل قضية التربية والتعليم من الاحتضان الرسمي إلى الاحتضان الشعبي من خلال عملية سياسية ومجتمعية واعية لا معنى للبرلمانات الشكلية فيها كما أصبح اللامعنى للجان الرسمية.
وهنا يجب التأكيد على أن النقابات كثيرا ما فوتت الفرص الضاغطة لانتزاع مواقع مفيدة للمشاركة الحقيقية للفئات المعنية أساسا بالقضية.
ومن دلالات هذا العنصر الاستراتيجي أن قضية التربية والتعليم لا تكون فيها الدولة وأجهزتها إلا أداة تدبير وتنظيم يومي في حين تكون الصياغة الكبرى للمنظومة من
وظيفة الأمة عبر مؤسساتها المجتمعية الحقيقية.
إننا تخوض معركة الإصلاح في غير مكانها المناسب، وبغير أداتها الأصلية.

وضوح المرجعية الإسلامية في بناء المنظومة


إن نقل قضية التربية والتعليم إلى الاحتضان الشعبي يعني أن صياغتها وتطويرها يجب أن يتم بناء على وحدة المرجعية ووضوحها تفاديا لواقع الارتباك والغموض الذي هيمن عليها طيلة حياتها فيما بعد خروج الاستعمار.
ولا شك أن هذه قضية معقدة للغاية خاصة أن هيمنة النخبة المغربة على الإدارة والدولة شكل انفصالا في الحركة العامة للشعب المغربي؛ إذ أن اتجاه النخبة ليس هو اتجاه حركة المجتمع في حقيقة الأمر، ولذلك هناك تعارض جوهري بين إرادة النخبة والدولة وبين إرادة المجتمع، خاصة مع بروز تيارات الحركة الإسلامية في الحياة السياسية والمجتمعية على الرغم من تحالف النخبة مع النظام السياسي لتأصيل مشروع مجتمعي مبني على معاني الديمقراطية والحداثة بطريقة مشوهة.
إن الحرص على الحفاظ على هذا التعارض منعكسا من خلال منظومة التربية والتعليم إصرار على جعل هذه الأخيرة في دائرة التوظيف السياسوي، ولذلك لا نستغرب أن تكون لكل وزير استراتيجيته ضمن الخدمة العامة في المرحلة للتوجيه السياسي الرسمي ذي البعد الأمني.
وما ينبغي التنبيه إليه أن اعتماد المرجعية الإسلامية المتجددة في بناء منظومة التربية والتعليم لا يعني تجاهل الواقع التنوعي للمناطق وما تزخر به الحياة المغربية من ثقافات متعددة، إلا أن الجامع هو الإسلام بما أن الشعب اختاره طوعا لا كرها.
وإذا كان هناك من يرغب في غير منظومة إسلامية المعنى والمبنى فليعرض على وضوح مشروعه أمام الأمة لا عبر كواليس السياسية والتوافقات، ذلك أن قضية التربية والتعليم لا تقبل التوافق السياسي لأنها عمق استراتيجي مصيري للأمة من حيث معنى وجودها وقوتها.

الميثاق المرجعي

وحدة المرجعية ليست كلاما نظريا ولا خطابا يبحث عن التموقع في سوق السياسة والحراك المجتمعي بقدر ما هي أداة مصيرية تعني مستقبل الأجيال.
ولذلك لا بد من سيادة الروح الميثاقية عند التصدي لقضية التربية والتعليم، علما أن هناك فرقا جوهريا بين الروح الميثاقية والروح التوافقية السياسية، فهذه الأخيرة تشتغل على تمريض مرحلة زمنية محددة للخروج من الأزمة في شقها السياسي، أما الروح الميثاقية فهي أداة مجتمعية كلية تتحرك وفق إرادة الشعب بناء على اختياره المرجعي يكون هدفها المباشر فرض واقع الحرية الحقيقي. وهو ما يعني أننا في حاجة إلى بناء ميثاق مرجعي ينظم كليات العلاقات وفق إرادة الشعب وعلى مرأى ومسمع منه تكون قضية التربية والتعليم من أهم محاوره ثم بعد ذلك تأتي الإجراءات التنفيذية من خلال المؤسسات المعنية مع القطع مع كل امتدادات الاستبداد والفساد في الحركة الجديدة للمنظومة.

توظيف الخبرة المحلية

حينما يصاغ الميثاق المرجعي الجامع مستندا إلى الخبرة المحلية المبعثرة اليوم بسبب المنطق التوافقي السياسي سنكون أمام مرحلة تقطع مع عقلية استيراد الخبير الخارجي الذي كان مستعمرا للأرض في القريب من التاريخ، لأن القول بالعجز الداخلي عن حل معضلة التربية والتعليم ومن ثمت حتمية استيراد عامل خارجي للحل ، إنما هو إقرار رسمي بالفشل من طرف الجهات القابضة على حركة المنظومة لقبضتها الحديدية على حركة المجتمع، وهو ما يعني أن فشلها هذا لا يقتضي تسليم القضية للخارج سواء من جهة الخبرة أو التمويل، بل عليها بعد إقرار الفشل أن تسلم القضية للأمة التي لا تعوزها الخبرة والمال بقدر ما يعوقها الاستبداد والفساد الممسك بتلابيب كل شيء حتى فقدت الأمة الثقة في كل شيء.
فكل المؤشرات تدلل على أننا نمتلك خبرة هائلة في الباب تمكننا من السير إلى المصير أحرارا لا عبيدا. لكن أي سياق سيجمع هذه الخبرة المبعثرة اليوم؟
إنه سياق الثقة، ولا ثقة من دون حرية، ولا حرية من دون القطع مع الاستبداد والتبعية، ودون هذا القطع امتلاك الشعب زمام المبادرة، أي إخراج حركة منظومة التربية والتعليم من كواليس السياسة إلى سياق حركة المجتمع عبر قوته المجتمعية التي يكون فيها السياسي مستمعا لنبضات ونداءات الأمة لا إلى نزوته ونزعته تجاه الحكم والكرسي في أسوأ الأحوال وفي أحسنها غيرة تستند إلى غموض شديد في الغاية والهدف.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

0 commentaires:

back to top