الأنوار، أو إلى التنوير كما تشاء الفلسفة الإلمانية تسمية ذلك العصر، حيث قدر للمثقفين، وربما لأول مرة لعب أدوار منشطة في الحياة الاجتماعية والسياسية. مع الأنوار صار المثقف شخصية قائمة بذاتها، وحيوية، وصاحبة دور. وهذا ما أشار إليه كانط منذ أن وضع المقالة الأولى في معنى التنوير وإسناده التنوير إلى العقل، ما يعني ترادف ذلك مع العقلانية، علماً أن المثقفين المعاصرين قد دفعوا بمسحة العقلانية التي بلغت حد العقلانية الأداتية بعض الشيء إلى الوراء، لتقديم مسحات أخرى، كالإنسانية مثلاً، وجيرار ليكلرك لا ينسى ذلك بل يركز عليه في فصول متعددة ولدى تطرقه لبعض شخصيات المثقفين. صحيح أن الكتاب ينظر إلى سوسيولوجيا المثقفين من زاوية غربية صرفة، وأحياناً من زاوية فرنسية حصرية إلا أنه يقدم مع ذلك رؤية بانورامية يمكن الاستفادة منها في التوسع إلى مجتمعات أخرى وإلى فئات مثقفة أخرى، وهذا ما فعله أحياناً، إذ مد دراسة إلى الأفق الروسي وناقش ما يسمى هناك بالنتلجنسيا وعلاقة ذلك بالثورة، قبلها ومعها وبعدها، والعلاقة بالمثقف في الجوار الأوروبي. ولم ينس النظرة الأميركية لذلك وتوسع هذا المفهوم على المتعاطين بالأدب والعلم والفن والنشر والصحافة، ويأتي ذلك انطلاقاً من فكرة التأثير في الرأي العام عموماً، وعلاقة المثقف أيضاً بالإعلام، سواء باستعماله لوسائل الإعلام أو بالدعاية الاجتماعية أو بالمشاركة في الحياة العامة، وهنا يأخذ سارتر موقفاً متميزاً، لما لعبه من دور إن من خلال فلسفته أو من خلال نشاطاته المتعددة أو لمشاركته المستمرة في الحركات الطالبية والعمالية والسياسية. وإذا كانت الثقافة وجهاً من وجوه العمل السياسي فإن جيرار ليكلرك قد خصص أيضاً مقاطع وافرة لعلاقة المثقف بالأحزاب، لا سيما اليسارية منها، معتبراً ذلك نوعاً من الواجب الالتزامي أو التنويري من زاوية ما، ولهذا يعتبر هذا الكتاب سجلاً صورة للثقافة وللمثقفين في بلادنا، وهذا ما لا نجده بسهولة وافية
: لتحميل الكتاب إضغط هنا
0 commentaires: